«بهجت» قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون
«بهجت» قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون


«بهجت» قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

صفوت ناصف

السبت، 29 يوليه 2023 - 06:15 م

التقيتها عند بائعة الجرائد العجوز بناصية "بهجت", قبل سنوات, وقفت أرقبها هنيهة, أفرك عيني من أثر إجهاد السهر, أقول لنفسي بهمس: أما زال الحلم القديم يراودني؟. ثم شملت الناحية كلها بعينيّ حتى الأفق البعيد, عُدت لطاولة الجرائد فالتقطت " الأهرام", سألت البائعة: من الصبية ؟

فقالت وقد تنازلت للمرة الأولى عن تجهمها, حلّت بوجهها بسمة شاحبة: فراشة تسعى للخروج من شرنقتها.

-ما اسمها؟

-ما شأنك؟

فقلت, وقد جرح كبريائي ردّها القاسي: أنا من هواة جمع الفراشات, هواية اعتدتها منذ زمن بعيد, قارئ نَهِم للوجوه.

سألتني: ترغب في ضمها لمجموعتك؟

فأجبت سؤالها السخيف, قلت: لربما تطهّرني هي من شوائبي .

زادت من وقاحة حديثها, قالت بجفاء: سلْ صاحبة الشأن, ثم استوت على حجر يطل على بضاعتها, وقد تهدل جفناها الغليظان فوق عينيها, فلم أعرف إن كانت قد راحت في سبات أم ترمقني من بين أهدابها.

 التفتُ للفتاة, رأيتها تبتعد رويدًا, تتطاير بعض خصلات شعرها من بين طيّات ايشاربها الحريري الأخضر. خفتُ أن تختفي عن ناظري قبل أن أعرف من هي, فناديتها : يا أنت!

فأجابتني دون التفاتة: نعم يا أنا.

فاكتفيت من ردّها, حملت " أهرامي", تحت ابطي, وأسرعت وقد أوشكت التاسعة صباحًا أن تدق.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة